خطا الاردن خطوات
واسعة نحو التقدم في مختلف المجالات ومنها قطاع التعليم ، حيث انتشرت
المدارس والجامعات وكليات المجتمع في مختلف ارجاء الوطن ، وكان للتطور
الذي صاحب اعداد المناهج وسعة المعرفة واستخدام الحاسوب دور في اثراء
المناهج الدراسية ودخول مصطلحات علمية حديثة ، حيث بدأ الطلاب بالبحث عن
طرق جديدة للحصول على المعرفة وزيادة تحصيلهم العلمي ورفع معدلاتهم
للمنافسة في الجامعات ، ونتيجة لذلك انتشرت ظاهرة الدروس الخصوصية في
مختلف المواد الدراسية واصبحت من اهم المشاكل التي تواجه الاسرة مع بداية
كل عام دراسي ، وباتت كل اسرة تخصص من ميزانيتها جزءا من المال وذلك لسد
نفقات وتكاليف هذه الدروس ولو كان ذلك على حساب افرادها الاخرين او لقمة
عيشها .د. حفيظة شابسوغ ، مديرة مديرية التربية والتعليم لمنطقة اربد
الثانية ، تقول ان هذه الظاهرة لم تكن منتشرة في السابق بشكل كبير وكانت
مقتصرة على طلبة المرحلة الثانوية ، حيث كان اعتماد الطالب بشكل اساسي على
المعلم داخل الغرفة الصفية وعلى جهد الطالب ومثابرته الشخصية ، اما الان
فقد تعدت ذلك لتشمل جميع المراحل بما فيها المرحلة الاساسية ، واضافت
قائلة ان هذه الظاهرة لها سلاح ذو حدين ، وان سلبياتها اكثر من ايجابياتها
، فهي تقلل وتهمش دور المعلم والمدرسة كمؤسسة تعليمية تربوية ، وتصرف
الطالب عن الانتباه والتفاعل بشكل ايجابي داخل الصف مما يؤدي الى تشتيت
ذهن الطالب وعدم الاعتماد على المعلم بحجة ان هناك دروسا خصوصية ، اضافة
الى انها تجعل من بعض الطلبة اتكاليين وغير مكترثين وهي تهدر من وقتهم
وجهدهم وتحد من محاولاتهم في التفكير والابداع والفهم ، ناهيك عن الاعباء
المالية الكبيرة التي تتكبدها الاسرة لتوفير مدرسين خصوصيين. وبينت شابسوغ
ان تعليمات الوزارة واضحة وصريحة حيث انه لايجوز للمعلم اعطاء دروس خصوصية
خارج اوقات الدوام ، وان مديريات التربية في مختلف المحافظات على تواصل
دائم مع جميع المدارس ، حيث يقوم عدد كبير من المعلمين والمعلمات باعطاء
دروس تقوية مجانية داخل المدارس في مختلف الاوقات .د. محمد غزلان ، رئيس
قسم الارشاد التربوي ، يقول ان هذه الظاهرة غزت المجتمع وهي تزداد يوما
بعد يوم واصبح الطالب الذي لا يأخذ الدروس الخصوصية يشعر بالنقص والخجل
امام زملائه الاخرين ، وبين ان عدم اعتماد الطالب على المعلم وعدم ثقته به
ورفع الحواجز المهنية بينهما هي من الاسباب الرئيسة في انتشارها . واضاف
قائلا ان تفشي هذه الظاهر في مختلف مراحل العملية التعليمة اصبح يشكل عبئا
على الاسرة من الناحية المادية اضافة الى ضياع وقت الطالب بالبحث والذهاب
الى المراكز المختلفة مما يكلفهم جهدا ووقتا كبيرين يؤثران على مستواهم
وتحصيلهم العلمي. وعن دور قسم الارشاد التربوي في التعامل مع هذه الظاهرة
بين ان المرشد التربوي في كل مدرسة يتعامل مع الطالب حسب تقنيات العمل
الارشادي وبتخصصية ومهنية عالية. ويتعامل المرشد مع مختلف المشاكل التي
تواجه الطالب سواء اكانت سلوكية ، نفسية ، عاطفية ، اسرية ، اجتماعية
ويقدم النصح والارشاد له ويتم ذلك من خلال دراسة الحالة لكل طالب على
انفراد او من خلال الارشاد الجمعي والمقابلات وتقديم النصح والارشاد وذلك
من خلال بيان كيفية طرق المذاكرة السليمة ، تنظيم وقت الطالب ، رفاق السوء
واثرهم على تعلم الطالب وانتباهه داخل الصف. الاستاذ سالم شطناوي ، رئيس
قسم الاشراف والتدريب والتأهيل التربوي ، قال ان ظاهرة الدروس الخصوصية
منتشرة في معظم مدارس المملكة واصبحت عادة وسلوكا موجها يمارس عند معظم
الطلبة بموافقة وتشجيع من قبل اولياء الامور ، وبين شطناوي ان هناك عوامل
عدة ساهمت في انتشارها منها ما يتعلق بالمعلم ومنها ما يتعلق بالطالب ،
مثل عدم تمكن بعض المعلمين من امتلاك المعرفة والمهارة والكفاءة العلمية
وفي هذه الحالة لا يعتبر المعلم اطارا مرجعيا في المادة التي يدرسها ،
وعدم ثقة الطالب بالمعلم وخاصة في مدارس الذكور لقلة خبرة المدرس في تدريس
المرحلة الثانوية ، اضافة الى التأخر في تعيين معلم لبعض المواد المهمة ،
حيث يترتب على ذلك كله عدم اهتمام الطالب بالمادة ، وكذلك عدم احترام
الطالب للمعلم مما يكسب الطالب بعض السلوكيات غير المرغوب بها مثل التسرب
والغياب المتكرر عن المدرسة .واضاف ان للاشراف التربوي دورا توعويا للحد
من هذه الظاهرة ويتم ذلك من خلال لقاء المشرف التربوي مع الطالب وبيان
الاثار السلبية لمثل هذه الدروس ، حيث ان المعلم في الدروس الخصوصية لا
يراعي الاستراتيجيات الحديثة ولا يعطي المادة المقررة بمهارة عالية ،
ويقترح شطناوي بعض الحلول للحد من هذه الظاهرة ومنها دعم وضع المعلم
المادي والمعنوي وعدم السماح له بممارسة التعليم الخصوصي بعد الدوام ،
وعدم ترخيص المراكز الثقافية التي تعطي الدروس الخصوصية ، و توفير معلمين
اكفاء لتدريس الطلاب خصوصا في المرحلة الثانوية وعدم ارسال معلمين على
حساب التعليم الاضافي ، وعقد دورات تدريبية قبل التعيين في مجال التخصص
لجميع المراحل ، و تطبيق وتفعيل تعليمات الانضباط المدرسي وهي حل ناجع
لكافة السلوكيات غير المرغوب بها مما يؤدي الى التزام الطلاب بالدوام
الرسمي المدرسي وعدم الغياب ، والحد من انتشار الكتب والدوسيات والحلول
الجاهزة والتي تقلل من تفكير وابداع الطالب وتجعله يركز على انه متلق
للمعلومة فقط.د. نبال مريان ، مديرة مدرسة المزار الثانوية الشاملة للبنات
، تقول ان المدرسة تلعب الدور الاكبر في بناء شخصية الطالب ولا يمكن لاي
مؤسسة ان تقدم نفس الكفاءة التي تقوم بها المدرسة ، وبينت ان للاسرة دورا
في تحسين نوعية التعليم من خلال التعاون مع المدرسة ، واضافت ان من
الظواهر التي تؤثر سلبا على عملية التعليم ظاهرة الدروس الخصوصية التي
تؤرق المربين وتنعكس اثارها السلبية على الطلبة سواء في تنظيم الوقت او
تشتيت الانتباه والتركيز بسب اختلاف الاسلوب بين المدرسة ومعلم الدرس
الخصوصي ، مما يشكل ارباكا لعناصر العملية التعليمية داخل الغرفة الصفية
وعادة ما يلجأ بعض المدرسين الى اعطاء اسئلة خارجية قد تكون خارج المنهاج
لاثبات جدارتهم وتفوقهم على غيرهم من المعلمين ، كما ان هذه الدروس تقلل
من اعتماد الطالب على ذاته وتضعف من قدرته على المبادرة والمبادأة في حل
المسائل لاعتماده المباشر على المدرس الخصوصي الامر الذي يعلمه الاتكالية
وعدم الثقة بالنفس وهي في هذه الحالة تتعارض مع الاهداف التربوية في هذا
العصر الذي تتركز فيه الانظار نحو تعزيز التعليم والتعليم الذاتي. وبينت
د. مريان ان لهذه الظاهرة اثارا على المعلمين والطلبة فهي تؤدي الى ارباك
واثارة الفوضى والتشويش داخل الصف بسبب دراسة الطلاب للمادة مسبقا ، كما
ان الدروس الخصوصية حسب رأي د.مريان تعمل على اضعاف الثقة بين الطالب
والمعلم وعدم بناء علاقة وثيقة في حين ان رسالة المعلم رسالة سامية وهي
محط ثقة القائد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ،
اذ وجه جلالته كلمات سامية منذ بداية العام الدراسي ، حيث قال جلالته:
وبدورنا ما زلنا معاهدين الوطن وابناءه على ايلاء القطاع التعليمي اعمق
اهتمامنا وصدارة اولوياتنا لانه مصنع العقول وحاضن المواهب ومختبر
الابداعات. واشارت د. مريان الى انه من خلال تحليل نتائج الثانوية العامة
فان الكثير من الطلاب ذوي المعدلات المرتفعة لا يلجؤون الى الدروس
الخصوصية فتحصيل طلبة الثانوية العامة ليست وليدة اللحظة بل هي عملية
تراكمية هرمية تمتد الى اثني عشرعاما. وختمت د.مريان قولها ان مدارسنا
وبرعاية ملكية سامية مكتملة العناصر سواء ما يتعلق بالمعلمين المؤهلين
اكاديميا ومهنيا او في البيئة التعليمية او المناهج المتكاملة ولا يوجد ما
يبرر اعتماد الطالب على مصادر اخرى لاهداف زيادة التحصيل .ليالي الخصاونة
، مديرة مدرسة الملك عبدالله الثاني للتميز ، اربد ، تقول ان ظاهرة الدروس
الخصوصية تتنامى في ميدان التعليم بشكل ملحوظ واصبحت بمثابة كيان ملازم
للمنظومة التعليمية على اختلاف مراحلها ومستوياتها ، اي انها اصبحت موضة
اكثر من حاجة عند عدد كبير من الطلاب ، وبينت الخصاونة ان انشغال الاباء
والامهات عن ابنائهم وعدم تمكنهم من اداء دورهم في مراقبة وتتبع اعمال
فلذات اكبادهم اضافة الى اختلاف قدرات التلاميذ وطاقاتهم نتيجة تعدد وكثرة
المواد الدراسية هي من الاسباب المباشرة لانتشار هذه الظاهرة . واشارت الى
ان المتضرر الرئيس هو الطالب واسرته ، فالاثر النفسي الواقع على الطالب
يؤدي به الى التقصير في اداء واجباته نتيجة الخوف والقلق والتوتر ، كذلك
اكساب الطالب مجموعة من السلوكيات السلبية كالغياب واللامبالاة وعدم
الاهتمام ، اما اثرها على الاهل فانها لا تقتصر على المبالغ المالية
الطائلة بل تتعدى ذلك لتشكل مع عوامل اخرى خللا في تماسك الاسرة وترابطها
مما يؤدي الى تفككها.نوال العمري ، معلمة لغة عربية ، مدرسة المزار
الثانوية الشاملة للبنات ، تقول: من خلال خبرتي التدريسية الطويلة لمادة
اللغة العربية فان رؤيتي للدروس الخصوصية تختلف حسب المادة ، حيث تؤدي الى
تشتيت افكار الطلاب بالاضافة الى اهمالهم للحصة المدرسية .واكدت ان بعض
الطلبة يحاول تغليط المعلم بان الذي تم شرحه من قبل المدرس الخصوصي هو
الاصح وبالتالي يؤدي الى احداث تشويش على الاداء داخل الغرفة الصفية
.ايمان غزلان ، معلمة نظم معلوماتية في نفس المدرسة ، بينت ان الدروس
الخصوصية اصبحت تقليدا وبرستيجا من قبل الاهل والطلاب معتبرة ان هذه
الدروس تؤدي الى اضاعة وقت الطالب ، اضافة الى اثارة الجدل والنقاش بين
المعلم والطالب وان ما اخذ من معلومات في الدرس الخصوصي هو الاشمل.امال
منصور ، مدرسة مادة الاحياء للمرحلة الثانوية ، مدرسة ايدون الثانوية
الشاملة للبنات ، بينت بان ظاهرة الدروس الخصوصية تنعكس سلبا على كل من
المعلم والطالب ، حيث تؤدي الى احداث فجوة في عناصر العملية التعليمية
التي يعتبر الطالب العنصر الاساس فيها ، واضافت قائلة: لو ان الطالب يذاكر
بجد ويعتمد على نفسه وعلى ما يقدمه له المعلم في الصف ويسأل فسيجد من يجيب
عن اسئلته ويوضحها له ، ولابد لنا من التعاون لايجاد طالب متفوق يبحث عن
النجاح ويرغب بالتعليم لاجل العلم وهي مسؤولية تقع على جميع عناصرالعملية
التعليمية .وليد شهاب ، ولي امر طالب في المرحلة الثانوية ، حمَل مسؤولية
انتشار هذه الظاهرة لوزارة التربية والتعليم ، حيث الاكتظاظ في الشعب
الصفية منذ المرحلة الاساسية بالاضافة الى تاخر وزارة التربية بتزويد
المدارس بحاجتها من المعلمين ، وعدم الرغبة بالعمل في هذا القطاع نتيجة
تدني الرواتب مما يدفع المعلمين الى البحث عن مصادر اخرى لسد متطلباتهم
المادية ، فيعمل المعلم بالدروس الخصوصية او اعمال اخرى لا تتناسب مع
الرسالة والامانة التي اوكلت اليه ويدفعه ذلك الى عدم الجد والاهتمام
والاخلاص في اعطاء المادة داخل الصف .جمال حسن ، ولي امر طالب في المرحلة
الثانوية ، قال: على الرغم من ان ولدي يدرس في مدرسة خاصة بقسط سنوي
مقداره 1200 دينار ، الا ان ذلك لا يعني عدم اخذه للدروس الخصوصية لتفوق
التعليم في المدرسة الخاصة ، حيث دفعني ذلك للتعاقد مع مدرس خصوصي لتدريسه
مادة الرياضيات ساعتين في الاسبوع مقابل ثلاثين دينارا وقد ترتب على ذلك
تكليفي بمصاريف زائدة واثقال ميزانية المنزل ، واضاف حسن ان ولده قد
استفاد من هذه الدروس واصبح من المتفوقين في مادة الرياضيات ، وتابع انه
يفكر في السنة القادمة بنقل ابنه الى مدرسة حكومية وتوفير اقساط المدرسة
الخاصة مقابل ان يتعاقد مع ثلاثة معلمين لتدريس ابنه مواد الرياضيات ،
الفيزياء واللغة الانجليزية ، وبين ان كل هذا الارهاق المادي والمعنوي
والجسدي الذي يلحق بالطالب واهله نتيجة امتحان التوجيهي الذي اعطته
الوزارة الشيء الكثير عكسا لكل دول العالم الاول مثل اوروبا وامريكا التي
ليس لديها امتحان توجيهي ، واصفا المرحلة الدراسية بالشبح والكابوس الذي
تعيشه الاسرة منذ دخول الطالب الى الروضة وحتى اخر سنة دراسية .الطالبة
رهام احمد تركي ، ثاني ثانوي علمي ، تقول ان بعض المواد كاللغة الانجليزية
بحاجة الى متابعة وتفصيل اكثر من قبل المعلم مما يجعل الطالب يلجأ الى
المدرس الخصوصي لتحقيق ذلك ، اما بالنسبة الى المواد الاخرى فانني ارى ان
الاستيعاب الدقيق لشرح المعلم في المدرسة مع حل تمارين الكتاب يعتبر كافيا
لفهم المادة. الطالب صهيب محمد قاسم ، ثاني ثانوي ادارة معلوماتية ، قال:
بصفتي طالبا في المرحلة الثانوية فانني اشجع على اخذ الدروس الخصوصية ذلك
لان المعلم في كثير من الاحيان لا يستطيع ايصال الفكرة الى جميع الطلاب
بسبب اختلاف الفروقات الفردية فيما بينهم مما يدفع الطالب الى البحث عن
مصادر اخرى لتحقيق ذلك سواء اكان باخذ دروس خصوصية او استخدام الكراسات
التي يكون بها عدد كبير من الاسئلة والحلول الجاهزة.